حسين السيد
عدد المساهمات : 11 تاريخ التسجيل : 15/09/2014
| موضوع: تجارة لن تبور. السبت أكتوبر 11, 2014 6:08 am | |
| أكرم الله عز وجل هذه الأمة ، بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجعله مثالاً يُحتذى به ، وقدوة يقتدى به في كل أحواله وأعماله ،
وقال لنــا عزَّ شأنه ؛ في شأن حبيبه بالنسبة لنا أجمعين :
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ
يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21
والعلماء العاملون ، والأولياء ، والصالحون ، ما التفَّ حولهم الخلق ،
وما نالوا منزلة ووجاهة وقربة عند الله ، ولا أكرمهم الله عز وجل بالفتح في قلوبهم ،
وبالنصر والتمكين في دعواتهم ، إلا على قدر إتِّباعهم ،
وإقتدائهم بالحَبيب المختار صلى الله عليه وسلم
فكلما كان الرجل الصالح أقرب الناس تأسِّياً بحبيب الله ومُصطفاه ،
وأكثر تشبُّهاً بحقيقته صلى الله عليه وسلم في ظاهره وباطنه ؛ كان أقرب
منزلة إلى مولاه ، وكانت معه عناية الله ، ورعاية الله
في كل أنفاسه وخطواته في هذه الحياة
وما سيَرُ الصالحين أجمعين ؛ إلا تحقيقاً لهذه الآية ، في الأسوة الطيبة ،
والقـدوة الصالحة لسـيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم ،
فرسول الله نذر نفسه لله ، وجعل وقته كله ، وحاله كله لمولاه ؛
طالباً لرضاه ، ورغبة فيما عند الله
لا يرجو من الخلق جاهاً ، ولا مالاً ، ولا منصباً ، ولا غنائماً ،
ولا مكاسباً ، ولا حتى دعاءًا وإنما كل الذي يرجوه منهم أن يتبعوا هديه ،
ويمشوا على شريعته ؛ لينالوا رضاء الله عز وجل
ولذلك كان دأب الأنبياء أجمعين ، كسيد الأولين والآخرين ، حياتهم كلها ليست
لأنفسهم ؛ وإنما لغيرهم يدلون الخلق على الله ، ويأخذون بأيدي الضَّالين
إلى طريق الهداية الذي أوقف الله الصالحين على بابه ويسوقون الخلق مرة بالعلم ،
وآونة بالحال ، وأحياناً بالدعاء ؛ ليجعلونهم يمشون إلى الله عز وجل مسارعين ؛
لينالوا رضا الله عز وجل في كل وقت وحين
فمنهم من يدلونه بالكلمات ومنهم من يدخلونه على الله عز وجل بالدعوات ،
فالذي لم تفلح معه الكلمات ؛ قال في شأنه سيد السادات
" اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين " ؛ فاستجـاب الله دعـاءه ،
وحـقق الله له رجـاءه ، ودخل عمر الإسلام بدعائه صلى الله عليه وسلم
وقتـه كلـه لله ، ماذا يطلب مقابل ذلك؟
{قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} الأنعام90
حتى أن الصلاة والتسليمات على حضرته لم يطلبها ؛ ولكنَّ الله عز وجل - حدباً علينا ،
وحرصاً علينا ، وشفقة بنا ، وليس لمصلحة أو منفعة يحتاجها حبيبه ومُصطفاه -
أمرنا بها الله في كتاب الله جلَّ في علاه ، فلا تظنوا أنها شكراً لله على نعمة حبيبه
ومُصطفاه فقط ،ولكن اعلموا - علم اليقين - أن فيها منافع جمة لنا أجمعين ،
في الدنيا ويوم الدين ولذلك وجَّـهنا إليها رب العالمين عز وجل لأنه جعل حياته لله ،
وأنبأه الله عز وجل أن يعلن هذه الحقيقة - لمن يريد أن يتأسى بحضرته ،
وأن يمشي على نهجه ودعوته - فقال له : قل لهم :
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الأنعام162
كُـلُّهُ لله عز وجل ، فلما كان كله لله ؛ سخَّر الله عز وجل كل شيء له في هذه الحياة
فكان كل شيء في الملك والملكوت ؛ طوع أمره ورهن إشارته ، -
وإن كان هو لا يريد ذلك ، ولا يطلب ذلك ، ولا يفرح إذا ظهر ذلك -
ولكن الله أيده بذلك ؛ لأنه يريد أن ينشر دين الله ، ويبلِّغ شرع الله لخلق الله ،
صلوات الله وتسليماته عليه ،إذا أشار إلى القمر ؛ إنشق بإشارته ، وإذا أشار إلى الشمس ؛
وقفت استجابةً لدعوته ، وإذا أمر الأرض ؛ إئتمرت بأمره فوراً ،
وهكذا كل شيء في عالم الملك والملكوت ؛ طائع لمن كانت حياته كلها للحي الذي لا يموت
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ} النساء64
علَّم المعلِّم الأعظم والنبي الأكرم ، أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين هذه الحقائق
بقاله وبفعله وبحاله ؛ فساروا على هذا المنهاج وجعلوا حياتهم كلها لله ووهبوا أنفسهم
وأموالهم وأوقاتهم وكل ما يملكون لدعوة الله ؛ ليكون لهم شرف التأسي بحبيب الله
ومُصطفاه ؛ فأكرمهم الله وراثة لحبيب الله ومُصطفاه
أكرمهم الله عز وجل بفتح في أنفسهم ، فوهبهم من المواهب الإلهية -
ما لا يستطيع أحد أن يحيط به في هذه الأوقات القصيرة - علَّمهم علماً بغير تعلم ،
وأماط عن قلوبهم كل حجاب ، وكشف عنهم كل نقاب ؛ حتى صاروا
كما قال فيهم الكريم الوهاب :
{وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} الأنعام122
فكانوا يمشون بنور الله معهم فراسة الله ، تأييداً من الله ؛ لأنهم يدعون إلى الله ،
ولا يريدون من الخلق إلا أن يدلوهم على طريق الله ، ويسوقوهم سوقاً إلى حضرة الله ،
لا يريدون أن يكون خلـفهم أتباع ، ولكن يريدون أن يكونوا أئمتهم إلى حضرة الله ،
ويسوقوهم إلى فضل الله ، وكرم الله ، وعطاء الله
لا يريدون منهم مالاً ولا غنائماً ولا جاهاً ولا شيئاً من متع الدنيا ؛
لأنهم تحققوا أن الدنيا كلها بما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة -
ولو كانت تساوي جناح بعوضة ؛ مـا سقى الكافر منها جرعة ماء -
فقالوا كما أنبأ الله عن حالهم :
{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً} الإنسان9
لا يطلبون من الخلق جزاءًا لأنهم يعلمون أن الخلق أجمعين - من أول الدنيا إلى يوم الدين -
لو اجتمعوا في صعيد واحد ، على أن يعطوا داعياً إلى الله ثمن كلمة علم واحدة يهديهم
بها إلى الله ما استطاعوا وما بلغوا ؛ لأن هذا لا يقدر قدره إلا الله عز وجل هو
وحده الذي يستطيع المكافأة والجزاء على هذه الأعمال
علموا أن العمل الذي يرضاه الله ، هو الذي أشار إليه مع نبي الله موسى
عندما قال له : يا موسى هل عملت لي عملاً قط ؟
قال : نعـم يــا رب ، صليت لك ، وصمت لك ، وتصدقت من أجلك ،
قـال : يا موســى ، أما الصلاة فهي لك صلة ، وأما الصيام فهو لك نــور ،
وأما الصدقة فهي لك برهـــان ، ولكن هل عملت لي عملاً قط؟
فالأعمال الصالحة كلها ، من الأذكار وتلاوة القرآن وكل أنواع العبادات ،
يقول فيها الله عز وجل في خير الكلم :
{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} الجاثية15
إنه لك فما العمل الذي هو لله؟
قال : يا رب ما العمل الذي هو لك؟
قال عزَّ شأنه : هل واليت لي ولياً ؟ أو عاديت لي عدواً ؟
فعلم أن العمل الذي هو لله أن تأخذ الضالين من عباد الله ، وتردهم
إلى طريق الهـداية ، لينالوا رضا الله جلَّ في علاه ، وأن تذهب إلى العصاة ،
وترغِّبهم في رحمة الله وفي سعة مغفرة الله
ولا تزال بهم حتى تأخذ بأيديهم إلى طريق الله ، فيقبلوا على الله ؛
فيفرح الله عز وجل بهم، ويفرح الله بك قبلهم ؛ لأنك سبب هذه الهداية ،
وأنت الباعث لهم على هذه العناية ، قال عزَّ شأنه: "
يا داود من ردَّ إلىّ هارباً ؛ كتبته عندي جُهْـبُذَاً" والجهبذ يعني العالِم الكبير ؛
فجعلوا هذه هي التجارة التي لن تبور
منقول من كتاب {رسالة الصالحين}
| |
|
mohamd 123
عدد المساهمات : 444 تاريخ التسجيل : 28/02/2014 الموقع : لبنان
| موضوع: رد: تجارة لن تبور. السبت أكتوبر 11, 2014 10:37 pm | |
| بارك الله فيك وجعلها في ميزانك يوم القيامة | |
|